مرثية للعم سليمان

قد مات اليوم العم سليمان الأعمى
لم يعرف ظلما
كل طغاة الأرض أسارى
في كِلْمَهْ
رددها من فوق القمهْ
في ركن الكلمات الأسمى
يسكبها في قلب المشتاق لرحمهْ
من فوق مآذن مسجدنا
قد أذَّن أن الله ينادي
في الأرض الحرهْ
يا عبدي عش حرا
لا تأبهْ
كل طغاة الأرض عبيدٌ
اجمعهم واصنع في الأرض لهم حفرهْ
واجعلهم تحت حذائك يا عبدي
هم كالجُعْلِ المُنْتِنِ
أشرف منهم نملهْ
***
كان العم سليمان الأعمى
يمشي للمسجد مختالا
أن الله كساه النعمهْ
في جعل الصوت أذانا
يمحو ليل الظلمهْ
وعصاه بيمناهُ
تضرب فوق الأرض الصلبهْ
تعلن أن الثورهْ
آتية من بين نياب الأفعى
عضهْ
تسقي كل الطاغين عذابا
تسقيهم من نفس الكأس
المرهْ
قد ذاق مرارتها مسكين
لم يلق مرهْ
من واساه بلقمهْ
***
في مرهْ
قال العم سليمان بصوت تكسوه الشفقهْ:
قم يا مسكين بثورهْ
لا تخضع يوما
لا تقبع في حفرهْ
أقبل نحو الجبل العالي
واجلس فوق القمهْ
وافتح أفواه الطاغين بأرضي
ألقي فيهم جمرهْ
تحرقهم لا تبقي منهم أحدا
أشعل نورا في العتمهْ
***
قد مات العم سليمان الأعمى
قد كان بصيرا
من قلب تملؤه الغبطهْ
لم يظلم يوما أحدا
في عمرهْ
***
في يوم حدثني يا ولدي
هذي الدنيا
لا تركب فيها شيئا أبدا
زائلة ... يا ولدي
قافلة الرحلهْ
تمضي مسرعة
تقتنص الغفلهْ
تأخذنا من هذي الدنيا
نحو مصير نجهله
وحياة أخرى
هي أنقى
نلقى فيها ربا
نحظى عدلا في قربهْ.
***
بعد الموت أتاني
عينان له حلوهْ
أبدلني ربي خيرا
أورثني الجنهْ
اسمع يا ولدي
واصل ثورتك الكبرى
حتى ترحلْ
واصل من بعدِ ندائي
لا تبخلْ
لا تيأس ... يا ولدي
قد أعطاك الله النور الأكملْ
دع أذيال الظلمِ
لا تقبلْ
غير العز طريقا
غير الثورهْ
غير صحاب الدرب رفاقا
واحمل شعله
وانثر في الكون شرارا
يقتل كل طغاة الأرضِ
وارسم أغنية المجد الآتي
كلمات من فضهْ
فوق فصول العمر الآتي
في غزهْ
في البصرهْ
***
هذا العم سليمان الأعمى
عميان حقا
من لم يشهد فخرهْ
هو مسكين لا يملك شيئا
لكن يملك قلبهْ
يملك صوتهْ
يملك كل الدنيا في كفهْ
يملك ما لا يملكهُ
كل طغاة الأرض الحمقى
يملك حب الناس جميعا
هذا في الدنيا ملكهْ
***
العم سليمان الأعمى
صورة إنسان أشرقَ
فوق الأرض ليعطي
صورة إنسان الله الأسمى
صورة إنسان إنسان
طلق روح الأفعى
***
العم سليمان الأعمى
لم يرحل
مسكنه في قلبي
لم يرحل
شعلة نور في الدرب
باق في السطر الأول
نورا للثوره